تراجع الأسهم الآسيوية وسط حذر الفائدة وارتفاع التكنولوجيا الأمريكية

تراجعت أسواق الأسهم الآسيوية بشكل ملحوظ يوم الجمعة، لتوقف بذلك أطول سلسلة من المكاسب المتتالية منذ شهر يناير الماضي، وذلك في أعقاب تضاؤل ملحوظ في الرغبة في الإقبال على المخاطرة، وهو ما جاء مدفوعاً بحالة من الضبابية والترقب بشأن مسألة خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وفي هذا السياق، انخفض مؤشر "إم إس سي آي" الذي يقيس أداء أسهم آسيا والمحيط الهادئ بنسبة بلغت 0.6%، وقد جاء هذا التراجع بقيادة الخسائر التي شهدتها الأسهم اليابانية. وعلى صعيد متصل، انحدر مؤشر "توبكس" الياباني بنسبة 0.7%، وذلك بعد أن كان قد أغلق في الجلسة السابقة عند مستوى تاريخي غير مسبوق.
وعلى النقيض تماماً، تمكن مؤشر "إس آند بي 500" الأمريكي من الصعود إلى مستوى قياسي جديد يوم الخميس، وهو المستوى العاشر الذي يسجله المؤشر خلال فترة وجيزة لا تتعدى 19 يوماً، وقد جاء هذا الارتفاع مدعوماً بمكاسب قوية حققها قطاع التكنولوجيا.
وبالإضافة إلى ذلك، ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي لليوم الثاني على التوالي، بينما ظلت عوائد سندات الخزانة الأمريكية ثابتة دون تغيير، وذلك بعد يومين من الانخفاضات المتتالية. وفي سياق منفصل، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأن إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول "ليست ضرورية"، وذلك بعد الزيارة التي قام بها لمقر البنك المركزي.
التفاؤل الحذر يسيطر على المشهد الاقتصادي وسط ترقب لسياسة الفائدة
حققت الأسهم مكاسب كبيرة منذ بلوغها أدنى مستوياتها في شهر أبريل، وذلك مع تصاعد وتيرة التفاؤل لدى المستثمرين بأن الحرب التجارية التي يشنها ترمب لن تلحق الضرر بالاقتصاد العالمي أو بأرباح الشركات، كما كان يُخشى في السابق.
إلا أن البيانات الأمريكية القوية الأخيرة المتعلقة بسوق العمل قد أضعفت التوقعات التي كانت تشير إلى إمكانية إجراء خفض وشيك في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي قبل اجتماعه المرتقب في الأسبوع القادم. وقد قام المتداولون بتقليل رهاناتهم بشكل طفيف، حيث يتوقعون الآن إجراء أقل من خفضين هذا العام، وذلك بعد أن تراجعت طلبات إعانات البطالة للأسبوع السادس على التوالي.
وفي هذا الصدد، صرح كريس لاركن من شركة "إي تريد" التابعة لـ"مورجان ستانلي" قائلاً: "لا تزال هناك إشارات قليلة تدل على وجود تشققات كبيرة في سوق العمل. وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون لديه سبب أقل لخفض أسعار الفائدة".
وشهدت أسهم التكنولوجيا ارتفاعاً ملحوظاً يوم الخميس، مدفوعة بأرباح قوية حققتها شركة "ألفابت"، وهو الأمر الذي أبقى التوقعات بشأن استمرار طفرة الذكاء الاصطناعي قائمة لصالح عمالقة التكنولوجيا الأميركية. كما سجلت شركة "إنفيديا" مستوى قياسياً جديداً.
وارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية في التداولات الآسيوية اليوم الجمعة، وذلك بعد أن أصدرت شركة "إنتل" توقعات متفائلة بشأن مبيعاتها المستقبلية.
وفي اليابان، تراجعت الأسهم مع اتجاه بعض المستثمرين إلى جني الأرباح بعد أن قفزت السوق على مدار يومين متتاليين في أعقاب إبرام صفقة تجارية مع الولايات المتحدة.
وقال ماسايوكي دوشيدا، كبير المحللين في معهد "راكوتن للأبحاث الاقتصادية": "يقوم المستثمرون بجني الأرباح قبيل عطلة نهاية الأسبوع بعد تحقيق مكاسب قوية. ولكي نتمكن من الصعود من هنا، نحتاج إلى إشارات قوية تفيد بأن الشركات متفائلة بشأن أرباحها المستقبلية".
تباطؤ وتيرة التضخم في طوكيو يعكس بعض العوامل المؤقتة
في اليابان أيضاً، تباطأت تكاليف المعيشة في طوكيو للشهر الثاني على التوالي، ويعزى ذلك إلى بعض العوامل المؤقتة، على الرغم من استمرار الارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية.
ويرى الخبير الاستراتيجي في "ماركتس لايف" غارفيلد رينولدز أن "الأصول الخطرة تبدو أكثر تساهلاً تجاه الأضرار المحتملة الناجمة عن الرسوم الجمركية، على الرغم من الإشارات الواضحة التي تصدر من أسواق الدخل الثابت والتي تشير إلى أن الولايات المتحدة تواجه احتمال حدوث ركود تضخمي".
وأضاف: "يُلاحظ أن المستثمرين باتوا أكثر قلقاً بشأن التضخم مقارنة بالعام الماضي، وذلك مع ارتفاع مقايضات التضخم لخمس سنوات إلى 2.68% مقابل 2.39% في شهر يوليو الماضي".
مكاتب التداول توصي بشراء أدوات تحوط منخفضة الكلفة للوقاية من المخاطر المحتملة
تنصح مكاتب التداول في شركات كبرى مثل "جولدمان ساكس" و"سيتاديل سيكيوريتيز" عملاءها بالمسارعة إلى شراء أدوات تحوط منخفضة الكلفة، وذلك بهدف الحماية من الخسائر المحتملة في الأسهم الأميركية، في ظل سلسلة من المخاطر التي تلوح في الأفق على الرغم من الارتفاعات القياسية التي تشهدها السوق.
وتشهد المؤشرات الرئيسية ارتفاعاً متواصلاً بالتزامن مع توقيع الولايات المتحدة صفقات تجارية جديدة، وسط موسم أرباح قوي. ولم يكن مؤشر "VIX"، وهو المقياس الشهير للخوف في وول ستريت، منخفضاً إلى هذا المستوى منذ شهر فبراير الماضي، فيما قفز مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 28% منذ 8 أبريل.
وهذا الوضع يجعل من السهل شراء تحوطات رخيصة ضد أي انهيار محتمل في السوق.
وكتبت وحدة التداول في "جولدمان ساكس" في مذكرة موجهة إلى عملائها يوم الإثنين: "إذا كنت تشعر بالقلق، فإن السوق يسهل عليك الحصول على أدوات التحوط المناسبة".
وفي سياق آخر، أصبحت الأوضاع في تايلاند محط أنظار المراقبين بعد أن شنت طائرات "إف-16" التايلاندية سلسلة من الضربات على مواقع عسكرية داخل الأراضي الكمبودية المجاورة، وذلك وسط تصاعد حدة النزاع الحدودي بين البلدين.